تدريس التربية الإسلامية

 

الصادر بتاريخ: 08 شعبان 1439هـ/ 24 أفريل 2018م


نظم المجلس الإسلامي الأعلى مؤتمرا دوليا بعنوان “تدريس التربية الإسلامية في المؤسسات الرسمية .. نحو فاعلية في ظل التحولات العالمية” بالتعاون مع وزارات: التربية الوطنية والشؤون الدينية والأوقاف والثقافة ومركز البحث في الأنثربولوجيا الاجتماعية والثقافية –الكراسك- وذلك يومي 7، 8 شعبان 1439هـ / 23، 24 أفريل 2018  بفندق الأوراسي ، الجزائر العاصمة .

يتوجه المشاركون بأسمى أيات الشكر والتقدير لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على رعايته الكريمة،  أمد الله في عمره، وكساه لباس الصحة والعافية، وقد استمعنا إلى كلمة الافتتاح التي نعتبرها خطة طريق، ومنهاج عمل، زانها العقل الرجيح، والبصيرة الثاقبة، والتحليل الصادق، والاستشراف الواعي.

هذا وبعد الاستماع إلى المحاضرات العلمية والمداخلات المتخصصة، والمناقشات الفعالة، وتبادل وجهات النظر، وتسجيل المقترحات في تقارير الورشات فإن المؤتمرين من مختلف الدول الإسلامية والغربية يدعون –في بيان الجزائر- إلى ضرورة بذل الجهد، واستنفاذ الوسع للعناية بالناشئة باعتماد أسس تربوية وتعليمية تقوم على التوحيد والمحبة، والوطنية والاخلاص، ركائزها الايمان الصحيح لمواجهة الهدم الديني، ولباسها الأخلاق والقيم الانسانية المشتركة كالتعايش والتسامح واحترام معتقدات  ومذاهب الآخرين دفعا للفتن وتحقيقا لمقصد السكينة، ومنعا لكل دواعي الشحن المذهبي والطائفي، وبناء القدوة الحسنة والمثال الكامل للمواطن الصالح، المعتز بدينه، النافع لأهله وبلده وللإنسانية جمعاء، المستقي علومه ومعارفه وهويته وثقافته من المنابع الصافية للإسلام الحنيف من غير شائبة ولا عائبة، أسوته في ذلك نبي الانسانية محمد صلى الله عليه وسلم، القائل : ” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” (رواه البخاري ومسلم)، بل يجري النفع على يديه ليشمل الخليقة كلها “الخلق عيال الله، وأحبكم إلى الله أنفعكم لعياله”.

كما يدعو المشاركون في هذا المؤتمر المبارك كل القائمين على شؤون الأمة في الأقطار العربية والإسلامية، وولاة أمورها الذين أوجب الله طاعتهم وجعل طاعتهم في المعروف من طاعته، أن يأخذوا بأحسن ما فيه من نصح، ويعملوا على تجسيد الخير الذي يفيض به ، “فالدين  النصيحة” بها يُرد التحدي ويُدفع البلاء، وتفضح المقاصد السيئة التي تريد تمزيق الأمة الإسلامية شذر مذر، وذلك باستغلال آفة الارهاب المصنوعة على عين الدول الامبريالية، المدعومة من القوى الاستعمارية، صنعتها لضرب أعدائها ومنافسيها بأبنائنا المغرر بهم في أول الأمر، ثم لضرب المسلمين بعضهم ببعض، ومن دون شك أن الارهاب الذي صنع في مخابر ومصانع القوى العظمى لا يستمد قوته من موجديه فحسب، بل ويستمدها كذلك من حلفاء أقوياء في عالم الاجرام العابر للأوطان المتمثل في تجارة المخدرات والاتجار بالبشر.

إن صمود الأمة ويقظتها في مواجهة الارهاب الآثم، جعله يندحر ويضمحل في بعض الأماكن من وطننا العربي، حيث حل الاستقرار والأمن وعادت الطمأنينة إلى ربوعه شيئا فشيئا،  لكن هذا لا ينبغي أن ينسينا الهدف الذي أنشئت له أساسا هذه المجموعات المجرمة، ولا أغراض القوى المعادية للإسلام لتحقيق مطامعها في ضرب الأمة، كي تحول بينها وبين التفكير في إقامة وحدتها والتضامن فيما بينها.

ولا يخفى على كل ذي عينين أن مكائد القوى التي تمول الارهاب وتقويه بل وتمده بالسلاح وآلة الاجرام. لا تتوقف عن غيها وبغيها ما دام هذا الارهاب هو الأداة التي تكيد بها الاسلام، وتنفّر العالمين منه  بعد أن وصمته ظلما بأنه مصدر الارهاب والتخلف !!

إننا نعلن – نحن المشاركين- من بلدنا الجزائر أن تجربتها الجهادية، وحكمة قيادتها الرشيدة قد مكنتها من فك عقدة الارهاب بفضل سياسة المصالحة الوطنية، التي ضمدت بها الجراح، وحفظت بموجبها الحقوق، فجعلت الشعب الجزائري يعلن بملء فيه  أن اسلامه وأمنه أجدى وأقوى من شعارات الارهاب الكاذبة وخداعه باسم الإسلام.

إن ما يسود العالم اليوم من نظرة حاقدة على الاسلام وقيمه، وتشويهه “بالاسلاموفوبيا” والتي يقودها ويسيطر عليها التيار الانجيلي المتطرف المتصهين الجديد الذي يدعمه اليمين المتطرف، يريد فرض منطقه الأحادي والإقصائي لكل دين، مستعملا قوة الهدم  المادية والثقافية المتوفرة له لنسف مقوماتنا و هوّيتنا، وعلى رأسها ديننا الحنيف.

إن علماء التربية والباحثين، المجتمعين في هذا المؤتمر العلمي الناجح يهيبون بالعلماء والمرجعيات الدينية، والقائمين على مراكز البحث الأكاديمي أن يعملوا على تجديد الخطاب الديني وتخليصه من الشوائب التي علقت به، وتحرير الفتوى من قبضة المخابر الامبريالية التي تصدر لنا أشباه الفقهاء في أثواب وهيئات تعود إلى عهود الفتن والنزاعات، والتي لا تمت إلى واقعنا  المعاش بصلة، ولا علاقة تربطها بعصرنا.

كما يدعو المشاركون إلى ضرورة تطوير مضامين التربية الإسلامية في البلدان الغربية للجاليات المسلمة بما يتوافق مع هذه المجتمعات وخصوصيتها التاريخية، ويضمن تكوين “مواطنة” بها يكون المسلم فاعلاً ومشاركاً في بناء المجتمع الذي يعيش فيه،  وتشجيع التعارف بين شباب هذه الدول و شباب الدول الإسلامية، ومد جسور التعاون بين جامعاتها، والعمل على تبادل التجارب والخبرات بين المعلمين والقائمين على شؤون التربية والتكوين في البلاد الإسلامية، لصياغة النشء الذي تنسجم لديه القيم الوطنية الأصيلة والأخلاق الإنسانية العالية، وذلك باكتساب مهارات التعامل مع الأديان والثقافات الأخرى والتعاطي مع الغير وتنمية قيم الجمال ومحبّة الحياة. وكذا العمل على تدريس التربية الاسلامية وتطوير مناهجها بما يضمن الخصوصيات الثقافية والتاريخية لكل بلد، والانفتاح على كل  ما ينفع الأمة  وإبعاد مضامين المناهج المدرسية عن التوظيف الايديولوجي والسياسي الحامل لبذور الفرقة والشقاق.

وفي الختام يؤكد المشاركون في المؤتمر أن وحدة الصف، وجمع الكلمة، وتعاون ولاة الأمور مع أهل العلم على البر والتقوى، سينهض بالأمة، ويجنبها مشاريع التفتيت والتقسيم، ويكون المسلمون  “يدا على من عاداهم، ويسعى بذمتهم أدناهم” ويقتدون بنبيهم في الرحمة، “فالرسول رحمة مُهداة” ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”،  وبمقتضى

ذلك تحقق نصرة الأخ لأخيه، في الدين والانسانية، “فلا يسلمه ولا يخذله”، فإن لم يسعفه بتقديم العون لم يعن عليه، وإذا لم يكن له لم يكن عليه ” وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً”

“وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ”

والله ولي التوفيق