«تحية للجيش الوطني الشعبي» 

 

الدكتور بوعبد الله غلام الله رئيس المجلس الإسلامي الأعلى

شهد غرة الفاتح من نوفمبر 1954 مجموعة من الشباب خرجوا من قرية (أولاد موسى بالأوراس) يطلقون الرصاص ليس لصيد الحيوانات، وإنما ضد رموز قوة القهر الاستعماري، لم يفكروا عندما كانوا يتدربون على حمل السلاح في تسمية جماعتهم ذلك لأن هدف الجماعة كان أقوى من البحث عن الأسماء.

إن جرأة الجماعة سرعان ما أحدثت هلعا في قوة المعمرين الفرنسيين الذين كانت تأخذهم العزة بالإثم، فكان النجاح الذي أحرزته تلك الجماعة الأوراسية والهلع الذي أحدثته في صفوف المعمرين كل ذلك خلق في أنفسهم تيارا ثابتا متينا وعضده الاحساس بقوة الجماعة والشعور بشرعية عملها والرغبة في الاستمرار تثبيت الجماعة نفسها على هزيمة الاستعمار وطرده من الجزائر وتحريرها.

لقد سطعت كلمة (تحرير) كالشمس، التحرير الذي انبجست من كلمة جيش لان التحرير جهاد، والجهاد لا يتم إلا بقوة جيش، لأن مصطلح جيش التحرير لم يسبق المعركة وإنما خرج من رحمها، وتأكد بانضمام الشباب الغاضب على الاستعمار إلى رفع السلاح والإقبال على التضحية من أجل التحرير لأن التحرير أغلى وأهم من من التضحية، وكلما ظهرت قوة التحريرعلى قيمة التضحية كلما تأكد الانتصار وتأكد بذلك تحقيق التحرير.

لقد انتصر جيش التحرير بفضل التضحيات بالانفس خاصة، لأن الاستعمار الذي حرم الجزائريين من دولتهم ومن حقهم في تصريف شؤونهم لم يترك لهم إلا أنفسهم، هذه الأنفس التي دفعوها لتحقيق التحرير.

لقد تحقق تحرير الجزائر بالتضحية وانتصر الشعب الجزائري، فكان عليه أن يواجه مسؤولية التحرير، وهي مهمة لا تتحقق بالأنفس والأرواح وإنما تتحقق بالتضحية واسترخاص المنافع المادية في سبيل بناء الأمة.

لقد وجد المجاهدون أنفسهم في وضع يختلف عما كانوا عليه وهم يخوضون غمار الحرب، إن الاستجابة إلى مطالب الشعب الذي كان يريد يستعيد سيادته وقوته حتى يتمكن من أن يعيش حرا طليقا في وطنه، فتحول جيش التحرير إلى جيش الشعب.

إن الجيش العظيم الذي شادناه وشاهد العالم كله نظامه وقوته وصرامة وحدته ومكانته النظامية والعملية يوم الخامس جويلية 2022.

إنه الجيش الوطني الشعبي الذي نحييه اليوم في عيده الوطني(اليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي) ونعتز به وندعو له بالنصر والانتصار على كل ما يمس شرف الجزائر ويسعى إلى النيل من وحدتها.